العابدة Admin
المساهمات : 266 تاريخ التسجيل : 01/11/2008
| موضوع: لو بلغت ذنوبك عنان السماء0000 الثلاثاء نوفمبر 04, 2008 9:45 am | |
|
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليهوسلم - يقول قال الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) .خريج الحديث رواه الترمذي من بين أصحاب الكتب الستة، وصححه ابنالقيم، وحسنه الشيخ الألباني غريب الحديث
عنان السماء: وهوالسحاب وقيل ما انتهى إليه البصر منها
قراب الأرض: ملؤها أو ما يقاربملأها
إنك ما دعوتني ورجوتني: أي ما دمت تدعوني وترجوني
ولا أبالي: أي إنه لا تعظم علي مغفرة ذنوبك وإن كانت كبيرة وكثيرة
منزلةالحديث
هذا الحديث من أرجى الأحاديث في السنة، ففيه بيان سعة عفو الله تعالىومغفرته لذنوب عباده، وهو يدل على عظم شأن التوحيد، والأجر الذي أعده اللهللموحدين، كما أن فيه الحث والترغيب على الاستغفار والتوبة والإنابة إلى اللهسبحانه وتعالى أسباب المغفرة وقد تضمن هذا الحديث أهم ثلاثة أسباب تحصل بهامغفرة الله وعفوه عن عبده مهما كثرت ذنوبه وعظمت، وهذه الأسبابهي
الدعاء مع الرجاء
فقد أمر الله عباده بالدعاء ووعدهم عليه بالإجابة فقالسبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين(غافر60)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العباده وقرأ هذه الآية) رواه أحمد ، ولكن هذا الدعاء سبب مقتض للإجابة عند استكمال شرائطهوانتفاء موانعه، فقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض الشروط والآداب أو لوجود بعضالموانع ومن أعظم شروط الدعاء حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله تعالى، قال- صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الترمذي : (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) ، ولهذا أُمِر العبد أنيعزم في المسألة وألا يقول في دعائه اللهم اغفر لي إن شئت، ونُهِي أن يستعجل ويتركالدعاء لاستبطاء الإجابة، وجُعِل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد حبلالرجاء ولو طالت المدة، فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء، وما دام العبد يلح فيالدعاء ويطمع في الإجابة مع عدم قطع الرجاء، فإن الله يستجيب له ويبلغه مطلوبه ولوبعد حين، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له.
الاستغفار مهما عظمت الذنوب
السبب الثاني من أسباب المغفرة المذكورة في الحديث، هوالاستغفار مهما عظمت ذنوب الإنسان، حتى لو بلغت من كثرتها عنان السماء وهو السحابأو ما انتهى إليه البصر منها وقد ورد ذكر الاستغفار في القرآن كثيراً فتارة يأمرالله به كقوله سبحانه: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم }(المزمل20) وتارةيمدح أهله كقوله تعالى:{والمستغفرين بالأسحار }(آل عمران 17)، وتارة يذكر جزاءفاعله كقوله تعالى:{ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما }(النساء110 والاستغفار الذي يوجب المغفرة هو الاستغفار مع عدم الإصرارعلى المعصية والذنب، وهو الذي مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة في قوله: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }(آل عمران135)، وفي الصحيحينعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك) والمعنى أي ما دمت على هذ الحال كلما أذنبت استغفرت من ذنبك، قالبعض الصالحين: "من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب في استغفاره"، وكانبعضهم يقول: "استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير". وأفضل أنواع الاستغفار أنيبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة، ولهذاقال - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: (سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة)ومن صيغ الاستغفارالعظيمة ما ورد في الحديث الصحيح عند الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف)
التوحيد الخالص السببالثالث من أسباب المغفرة تحقيق التوحيد،وهو من أهم الأسباب وأعظمها، فمن فقدَهفقَدَ المغفرة، ومن جاء به فقَدْ أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} (النساء48)، والتوحيد في الحقيقة ليس مجرد كلمة تنطق باللسان من غير فقه لمعناها،أو عمل بمقتضاها، إذاً لكان المنافقون أسعد الناس بها، فقد كانوا يرددونها بألسنتهمصباح مساء ويشهدون الجمع والجماعات، ولكنه في الحقيقة استسلام وانقياد، وطاعة للهولرسوله، وتعلق القلب بالله سبحانه محبة وتعظيما، وإجلالا ومهابة، وخشية ورجاءوتوكلا، كل ذلك من مقتضيات التوحيد ولوازمه، وهو الذي ينفع صاحبه يومالدين
رباه لو بلغت ذنوبى عنان السماء ما يئست من رحمتك
| |
|